ليلة القدر

حث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على التماس لسلة القدر وإحيائها كى يحظى المسلم بالثواب الجزيلالذى أعده الله تعالى لعباده القائمين الصائمين ..ففى صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (من صام رمضان إيمانآواحتسابآ غفرله ما تقدم من ذنبه،ومن قام ليلة القدر إيمانآ واحتسابآ غفر له ما تقدم من ذنبه)) وفى رواية (من قام رمضان إيمانآ واحتسابآغفر له ما تقدم من ذنبه))وجاءت روايات عند النسائى وأحمد تزيد (وما تأخر)ومعنى الحديث:أن من صام رمضان وقامه تصديقآ بوعد الله وحكمه وطلبآ للاجر والثواب،لارياء ولا سمعة -غفر الله ذنوبه المتقدمة ،وحفظه من الذنوب المتأخرة، فلا يقع فى كبيرة، وتظل عناية الله تشمله وتسدد خطاه:وقد التمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر فى العشر الأول من رمضان فلم يصادفها ،وأخيرآبلغ أصحابه بوقوعها فى العشر الأخير..بل حددها لهم بأنها فى الوتر من العشر الأخير.ففى صحيح مسلم عن سعيد الخدرى رضى الله عنه قال (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط فى قبة تركية على سدتها حصير ،فأخذ الحصير بيده فنحاها فى ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه فقال :إنى اعتكف العشر ألأول التمس هذه الليلة ثم اعتكف العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لى إنها العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف.فاعتمف التاس معه.)) قال :وإنى أريتها ليلة وتر وأنى أسجد صبيحتها فى طين وماء.فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد إلى الصبح ،فمطرت السماء فوكف المسجد فأبصرت الطين والماء فخرج حين فرغ من الصلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء ،وإذا هى ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر))ففى هذا الحديث أخبرهم الرسول الكريم بوقوع ليلة القدر فى العشر الأخير ،ونبأهم بعلامة تصاحبها يومئذوهى نزول المطر وما كان فى السماء آنذاك صحاب ،ولكن الله أيد رسوله..ففى بعض الروايات (فرجعنا وما نرى فى السماء قزعة، وجاءت سحابة فمطرنا حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل))وأصبح الناس يومئذ يتحدثون عن ليلة القدر ،وكانت ليلة إحدى وعشرين ،ومع ذلك اختلفت الروايات واختلفت العلماء فى تحديد ليلة القدر اختلافآكثيرآ..وحكى الإمام ابن حجر أكثر من أربعين رأيآنختار منها ما يلى1-أنها ليلة سبع وعشرين وبه جزم أبى بن كعب وحلف عليه كما فى رواية مسلم. يقول زر بن حبيش :سألت أبى بن كعب رضى الله عنه فقلت :إن أخاك ابن مسعود يقول :من يقم الحول يصيب ليلة القدر،فقال رحمه الله أراد أن لايتكل الناس ،أما إنه قد علم أنها فى رمضان ، وأنها فى العشر الأواخر ،وأنها ليلة سبع وعشرين ،ثم حلفلا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين.فقلت :بأى شىء تقول ذلك ياأبا المنذر؟قال :بالعلامة أو بالآية التى أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لاشعاع لها.وروى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال:تذاكرنا ليلة القدرعند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة))وشق الجفنة نصفها ،وفيه إشارة إلى أنها إنما تكون فى أواخر الشهر لأن القمر  لايكون كذلك إلا فى أواخر الشهر وهى ليلة سبع وعشرين.2-أنها مختصة برمضان ممكنة فى جميع لياليه، وهو قول أبن عمر رواه ابن أبى شيبة بإسناد صحيح عنه،وروى مرفوعآعنه أخرجه أبو داود ،وفى شرح الهداية الجزم بهعن أبى حنيفة ورجحه السبكى فى شرح المنهاج.3- أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ،روى ابن ابى شيبة والطبرانى من حديث زيد بن أرقم قال:ما أشك ولا أمترى أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ليلة أنزل القرآن ،وأخرجه أبو داود عن أبن مسعود أيضآوأياما كان ،فالمسلم مطالب شرعآ بتحرى هذه ليلة والتماسها ،اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ،ويكون ذلك بالأعتكاف ،والمحافظة على الجماعة فى الصلاة المكتوبة ،وتلاوة القرآن، وقيام الليل ،والدعاء إلى الله تعالى بخير الدنيا والآخرة.زولعل فى إخفاء هذه الليلة ما يحفز المسلم إلى دوام اليقظة والمراقبة لحدود الله عز وجل.وقد يتسأل  البعض :هل لهذه الليلة علامة معينة يراها الناس؟جاء فى صحيح مسلم أن الشمس تطلع يومئذ لاشعاع لها .وفى العام الذى أخبر الرسول الكريم بالتماسها فى العشر الأخير ذكر أن من علامتها نزول المطر وسجوده فى طين وماء ..وتحقق ذلك.ومما لاشك فيه أن الملائكة تتنزل فى هذه الليلة المباركة ،ولا مانع أن تتراءى بعض أنوارها للقائمين والركع السجود.وحكى ابن حجر أن الطبرى اختار أن جميع ذلك غير لازم ،وأنه لايشترط لحصولها رؤية شىء ولاسماعه.